التاريخ : 2016-05-23

 

الراي نيوزبقلم : الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح 

مع بزوغ فجر يوم الخامس والعشرين من مايو تحتفل المملكة الاردنية الهاشمية مليكاً وشعباً بالعيد السبعين للاستقلال والذكرى المئوية لقيام الثورة العربية الكبرى التي أسست لهذا اليوم التاريخي بعد ان تمكن الاردنيون بنضالهم تحت الراية الهاشمية من الاستقلال التام لتصبح الاردن دولة قانون ومؤسسات تسودها الديمقراطية والحرية وتتمتع باستقلالية كاملة تحت مسمى ' المملكة الأردنية الهاشمية '.

فبمدماك كريم يضيفه الملك الحفيد الى مداميك تاريخ مفتوح على المستقبل، بعد مئة عام على رحلة الالف ميل المباركة التي اطلقها الشريف الجد، يتسع افق قوس النصر المشيد من اقصى الحلم العربي الى اقصاه، وباحتفالات الاردنيين بهاتين المناسبتين تذكير بذلك الحبل السري، الناظم لمفردات مسيرة ورسالة آل بيت رسول الهدى صلى الله عليه وسلم .

وكانت الثورة 'بشارة' الشريف الحسين بن علي لشعوب امة تواقة للتغيير والانتقال من زمن الى اخر وسرعان ما صارت 'المخاض' الذي فتح افقا جديدا لشعوب طامحة لاستعادة هويتها، حيث عبرت عن رسالة حضارية جوهرها رغبة شعوب الامة في وضع فاصلة بين زمنين، لتضع قطار المستقبل على سكته، ويخرج العرب من نفق الجمود والتخبط في البقع الداكنة .

بذهن مفتوح على استيعاب ازمات اللحظة الراهنة، استنادا الى فهم اعمق لماضيها، تتمسك شعوب الامة بمفاتيح وعيها وهي تحتفل مع اشقائها الاردنيين بالثورة العربية الكبرى وعيد استقلالهم، وفي ذلك ترسيخ لقناعة بان تلك البدايات كانت تمهد لقيم جديدة، بين ملامحها تقديم الغالي والنفيس من اجل الحياة الحرة والكرامة الانسانية .

في منتصف المسافة بين اقدس مقدسات المسلمين، بوعي قيادتهم الهاشمية واتساع رؤيتها، ترجم الاردنيون رسالة الثورة العربية الكبرى، واثبتوا فهما عميقا للتجربة التي حافظت على مقومات البقاء رغم صعوبات الواقع .

وهم في هذه الذكرى العزيزة على يقين بأنهم قادرون على درء المخاطر وتجاوز كل التقلبات لأنهم اهل تجربة وإيمان بأن الالتفاف حول القيادة هو حصنهم الحصين ، ولم يصلوا الى ما وصلوا اليه من تقدم وازدهار الا لأنهم على قلب رجل واحد سواء في الملمات اوفي مسيرة التطور ومواكبة العصر . 

وقد واصل اصحاب الرسالة البناء على الاساس المتين الذي ارسى دعائمه صاحب الرصاصة الاولى متحاشين متاهات ومنعطفات حادة ادت الى اخفاقات محيط يجني عواصف تراكمت رياحها على مدى عقود مضت .تشرب جلالة الملك عبدالله الثاني كل هذا الارث المبارك واستمد حكمته من الاية الكريمة ' فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الارْضِ' حين ابحر بعزيمة الربان ونظرته الثاقبة واشرعة الحب والتسامح في بحر متلاطم الامواج نحو تجسيد النموذج وتكريس قيم البناء والعمل لانسنة الواقع، وبهمة جلالته وصلابة شعبه تحولت الشواطئ التي مر بها مركب الخير الى مرايا لانجازات دولة عصرية، حاضرة في كل المحافل، منحازة الى قيم العدل والسلام واغاثة كل منكوب على ارض البسيطة.

نحتفل مع الاردنيين وقيادتهم الحكيمة بالتجربة التي باتت عنوان فعل حضاري، تمتد جذوره في عمق التاريخ وفروعه الى السماء، املين من العلي القدير ان يحفظها، لتبقى شاهدا على رغبة العرب والمسلمين في واقع يمكنهم من العيش في امن وامان، ويتيح لهم دوام المساهمة في العطاء والتفاعل الانساني .