التاريخ : 2016-03-05
يا ابنة الشهيد..
الشهيد الزيود يداعب ابنته الوحيدة
الراي نيوز-
كتبت - سهير بشناق
لم تكمل عامها الثاني بعد لا زالت تتشبث بيدي والديها تخطو خطواتها الاولى بالحياة... تنطق شفاهها كلمتين فقط الاولى ستبقى حاضرة بحياتها والثانية غابت...
هي طفلة الشهيد الرائد راشد الزيود التي لن تردد بعد اليوم كلمة «بابا « ستحتاج لوقت طويل لا يقاس بسنوات عمرها على الحياة لتدرك ما فقدته من معنى وجود الاب بحياتها..
الاب الشهيد الذي ارتقى الى المراتب عند الله والذي لم يمنحه القدر الوقت الكافي ليرى طفلته تكبر امام عينيه ليسعد قلبه بكل خطوة تقوم بها وكل كلمة جديدة تتعلمها.
الاب لن يشارك في لحظات ذهاب طفلته للمدرسة ولن يشاركها فرحتها الاولى باليوم الاول بمدرستها ولن يصطحبها لشراء ما تحتاجه لذاك اليوم ولن يقف معها في الطابور الصباحي وهو يراها تردد نشيد « موطني «....
ايتها الطفلة التي لا تعلمين ان الوطن بحجم تضحية ابيك وان كلمات نشيد موطني هي كلمات دماء ابيك التي سالت على ترابه ليصبح العالم كله موطنك الانسان والتراب واوله الاردن.
في الايام القادمة عندما تكبر طفلة الشهيد ستقترب من والدتها لتوجه لها سؤالا واحد ا» اين بابا «
لتجيب الام... « بابا بالجنة «..... هل ستدرك طفلة الشهيد ما معنى الجنة ؟
هل ستدرك ان الموت لاجل الوطن والدفاع عنه هو موت يعيد للانسان حياته باجمل صورها وارقى معانيها ؟
اشياء كثيرة ستدركها هذه الطفلة يوما بعد يوم وعاما تلو الاخر اشياء اكبر بكثير من حزن افتقاد الاب
افتقاد حنانه وعطفه ووجوده بجانبها في جميع مراحل حياتها... قيم عالية لا تساوي كل ما ستفتقده ستكون محيطة بحياتها وايامها تجعلها طفلة مختلفة عن الاخريات وكيف لا وهي طفلة الشهيد الذي ننحني جميعا اجلالا وتقديرا له ولتضحيته التي بسببها ولاجلها ننعم كل يوم بامن وسلام في وطن تقف وراءه قيادة هاشمية بهذا القدر من العلو والقيمة.
ستعلمين ايتها الطفلة في سنوات دراستك عن الشهيد ستقراين في كتبك عن قيمته وعن الوطن وترابه
ستكبين يوما ما في دفترك كلمات تصف الشهيد فتمتلىء صفحات الدفتر واوراقه بدموعك النقية البريئة لافتقادك والدك لكنك تملكين من القوة عزة النفس والكرامة والاعتزاز والفخر بوالدك ما يدفعك لكتابة اجمل ما قيل عن الشهيد والوطن وانت من عشت سنوات عمرك في ايام غاب عنها وجه ابيك. ستحدثين صديقاتك يوما ما عن ما مررت به ستحبسين الدموع في عيونك وانت تحديثهن عن ابيك الذي لا تزال ملامحه تمر بذاكرتك كالطيف تتمسكين بها يوما بعد يوم كي لا ترحل عن ايامك
ستعودين الى منزلك تحدقين بصورة ابيك قد تخطفين لحظات تحديثنه عن تفاصيل يومك وحياتك وتطبعين على الصورة قبلة تعبرين بها عن مدى افتقادك له وحاجتك ليكون بجانبكش
ايتها الطفلة الجميلة غابت كلمة « بابا « عن حياتك لكن معنى الابوة وعطفها وحنانها لن تغيب عن ايامك ستجدين في كل خطوة تخطينها وفي كل مرحلة تحتاجين بها لوجود الاب... من يحتويك ويمنحك الحب والحنان والرعاية ستجدينها بحضن جدك الذي فقد ولده ولكنه بحجم الم هذا الفقدان لا يزال بقلبه متسعا لك ولطفولتك سيمنحك كل ما تحتاجينه لانك ابنة الوطن وابنة الشهيد ورائحتك الزكية هي من رائحة ابيك الذي اختصر باستشهاده كل ما تحمله معاني كلمة وطن.
ابنة الشهيد لا تبكين كثيرا... لا تودعي طفولتك... فمثلك تنتظرك الايام الاجمل التي كلما ذكرت بها اسم ابيك او دونتيه وراء اسمك سترتفع العيون اليك وتنحني النفوس اجلالا وتقديرا لك ولابيك واي قيمة تلك التي ستعوضك عن ما فقدتيه فخرا واعتزازا سترافقك مدى العمر.... ابنة شهيد...