الهجمة التي تتعرض لها التخاصية من طلاب الشعبية في الإعلام ومجلس النواب والحكومة، لم تحدث في وقتها، عندما كانت سياسة التخاصية مقررة في القانون والسياسة المعلنة والتطبيق الفعلي، فما معنى هذه الصحوة المتأخرة؟.
التخاصية ليست بدعة أردنية بل اتجاه عالمي، أخذت به جميع دول العالم باستثناء كوريا الشمالية وكوبا، بل أن الصين الشعبية تعتبر رائدة في مجال التحول إلى القطاع الخاص، وكذلك جميع الدول التي جربت سيطرة الدولة على جميع مرافق البلاد الاقتصادية فأصابتها بالجمود والتخلف.
تقوم فكرة التخاصية على أن هناك قطاعين عام وخاص، وأن على كل منهما أن يقوم بالواجب المؤهل له، فإذا حاول رجال الأعمال السيطرة على الحكومة كانت النتيجة الفساد، وإذا حاول موظفو الحكومة إدارة المشاريع الصناعية والتجارية والسياحية كانت النتيجة الفساد والتخلف، والقاعدة عدم الجميع بين الإمارة والتجارة.
أدارت الحكومة قطاع الاتصالات منذ نشأته فماذا كانت النتيجة، وهل كان تطور الاتصالات سيصل إلى ما وصل إليه اليوم لو بقيت مؤسسة الاتصالات السلكية واللاسلكية تديره كما كانت تفعل عندما كان الحصول على هاتف يتطلب انتظار سنوات ودفع مبالغ كبيرة وبالنتيجة يتم الحصول على هاتف صيفي يتعطل إذا سقط المطر؟.
والإسمنت عاشت أربعين عاماً تحت إدارة وزراء سابقين، وكانت وظائفها جوائز ترضية للمحاسيب، وكانت مثقلة بالديون التي تكلفها الحكومة وتدخل في حسابات الدين العام، وبالنتيجة تنتج اسمنتاً غير مطابق للمواصفات العالمية.
كان سعر سهم الإسمنت عند تخاصيتها 8ر1 دينار بسبب سوء إدارتها وقلة أرباحها، ولم تبع الحكومة حصة من الأسهم للمستثمر الفرنسي بتراب المصاري بل بضعف سعر السوق لعلمه بأنها قابلة للإصلاح وزيادة الأرباح إذا أحسـّنت إدارتها. 
عمليات التخاصية تمت في وضح النهار، وبموجب قانون دائـم، وعن طريق هيئة تنفيذية متخصصة، وخبراء عالميين للتقييم والمشورة، ونوقشت كل عملية في الصحافة والبرلمان، وتقررت في مجلس الوزراء، وفي جميع الحالات ما زالت الحكومة موجودة في تلك الشركات التي نجحت وارتفعت أسعار أسهمها بفضل انجازاتها بعد خصخصتها، وقد زادت إيرادات الخزينة من نشاطاتها ولم تنقص.
على طلاب الشـعبية أن يبحثوا عن وسائل أخرى غير نـسف تاريخ البلد وإنجازاته ودمغها عشوائياً بالفسـاد.