نوّاب أردنيون جُدد أمام الادّعاء العام و”مجلس أعرج” تحت ضغط الاتّهامات: السلطات تُلاحق فائزين ومُرشّحين للبرلمان بتُهمة المال الفاسد.. ومُلاحظات الرصد تتحدّث عن سلبيّة المُخرجات وبناء الثقة مُجدّدًا أبرز تحدّيات الديمقراطيّة في الأردن

أحالت الهيئة المستقلة للانتخابات عددًا من المرشحين وأنصار لهم إلى الادعاء العام من بينهم نواب نجحوا في انتخابات البرلمان التاسع عشر التي أجريت في العاشر من الشهر الجاري.

وأحيل هؤلاء بتهمة شراء أصوات الناخبين يوم الاقتراع وما قبله بموجب تسجيلات وفيديوهات موثقة تقول الهيئة على لسان ناطقها الاعلامي جهاد المومني تثبت شراءهم للأصوات، فيما أحيل الى الإدعاء العام ايضا عددا من المرشحين بتهمة الاساءة للعملية الانتخابية والتشويش على نتائج الانتخابات من بينهم سيدة مرشحة في مدينة اربد تم اعتقالها وافرج عنها أمس.

وأكد المومني في تصريحات صحفية أطلقها أمس أن كل من تثبت إدانته بشراء الأصوات من بين الفائزين بالانتخابات سيتم إسقاط عصويته في مجلس النواب لكون عقوبة هذه الجريمة في القانون تزيد عن سنة.

وبحسب قانون الانتخاب فإن عقوبة من يشتري اصوات الناخبين يعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات.

وكان العديد من المرشحين الذين خسروا الانتخابات قد اعلنوا تباعا فور إعلان النتائج النهائية للانتخابات بنيتهم الطعن في النتائج لدى القضاء بتهمة التزوير والتلاعب بالنتائج، مما دفع بالمومني لاطلاق تحذيرات الهيئة من التشكيك بنتائج الانتخابات ونزاهتها من قبل من وصفهم بانهم”لم يتقبلوا نتائجهم في الانتخابات أو من أنصارهم”.

وحتى قبل يوم واحد من يوم الاقتراع اعلنت الهيئة المستقلة عن ضبط 100 قضية شراء اصوات قال انها احالت 20 منها الى القضاء، فيما شوهدت عشرات حالات شراء الاصوات أمام مراكز الاقتراع في العديد من الدوائر الانتخابية يفوق عددها  عن المصرح به.

ووفقا لتقارير تحالف راصد لمراقبة الانتخابات النيابية فان”استخدام المال الفاسد وما ارتبط به من عمليات شراء أصوات تحدياً أثر بشكلٍ سلبي على مخرجات العملية الانتخابية، داعيا لجهد وطنيا مشتركا للحد من هذه الممارسة ".

هذه المعطيات تمثل تفاصيل متواضعة امام المخالفات العديدة التي تم تسجيلها على العملية الانتخابية بما في ذلك اتساع ظاهرة المال الفاسد التي أدت بالفعل لفوز مرشحين وجد بعضهم نفسه محالا الى الادعاء العام الأردني.

مجلس النواب التاسع عشر الذي ينتظر دعوة ملكية لاجتماع في دورته العادية الاولى ربما ستكون قبل نهاية شهر تشرين ثاني نوفمبر الجاري ولد في رحم التشكيك وفقدان الثقة بنتائج الانتخابات، فيما يظهر المجلس الذي يضم في عضويته 98 نائبا جديدا يصلون للبرلمان لاول مرة وكأنه برلمان لا يفتقد ثقة الناخبين فقط بقدر فقدانه للثقة الداخلية بين أعضائه، بعد ان اصبح بعضا من اعضائه متهما امام القضاء باستخدام المال الفاسد للوصول الى البرلمان.

ولا تظهر هذه الظاهرة بالجديدة في الانتخابات البرلمانية ، ففي تاريخ الحياة البرلمانية الاردنية تحتفظ وقائع اول جلسة في الدورة العادية الاولى لمجلس النواب الأول سنة 1946 بمناقشة تلك الظاهرة، إلا أنها ظلت اقل حضورا وتأثيرا حتى انتخابات المجلس الخامس عشر سنة 2007 عندما ظهرت للسطح بشكل لافت لتتطور لاحقا في انتخابات المجالس التالية وصولا الى انتخابات المجلس التاسع عشر الحالي.

في انتخابات المجلس السابع عشر سنة 2013 أحيل عدد من النواب الفائزين في الانتخابات إلى القضاء بتهمة استخدام المال الفاسد، إلا أن القضاء قام بتبرئتهم جميعا، لتعود تلك الظاهرة للظهور مجددا في انتخابات المجلس الثامن عشر السابق إلا أنها كانت أقل حدة ووضوحا من انتخابات المجلس الحالي في العاشر من الشهر الجاري.