بقلم احمد عبدالفتاح ابوهزيم

عانت القطاعات التجاريه الامرين خلال السنوات السابقه بفعل الاوضاع السائده في الدول المحيطه وإنعكاسها اقتصادياً على الداخل يضاف لها العقليه البيروقراطيه للحكومات المتعاقبه في فرض القوانين الناظمه وتعديلاتها كقانون ضريبة الدخل والمبيعات وقانون الجمارك وقوانين رخص المهن والضمان الاجتماعي والمواصفات والمقاييس والعمل....الخ مما ساهم في ارتفاع الكلف التشغيليه على كافة القطاعات وقلل من معدل دوران رأس المال وبالتالي إنخفاض في صافي الربح إن وجد .

القطاع التجاري يؤثر ويتأثر سلباً وايجاباً بالضروف السياسيه الداخليه والخارجبه للدوله وهو باروميتر صادق لقياس عوامل النجاح والاخفاف لتلك السياسات وايضاً حركة الاسواق صعوداً ونزولاً هي ترجمه حقيقيه لمدى نجاعة منظومة التشريعات الناظمه للشأن الاقتصادي وعليه يجب ان يكون القطاع التجاري عبر ممثليه شريك اصيل في الاعداد والاخراج لاي قانون او نظام او تعليمات تعنى به . واعتبار الاجراءات البروتوكوليه السابقه المبنيه على المشاورات الشكليه جزء من الماضي .
ازمة كورونا داهمت جميع دول العالم على حين غره. وبدون إستئذان دخل هذا الفايروس الحمى ودك الحصون ولم يفرق بين دوله قويه وضعيفه،ودوله غنيه وفقيره،ودوله متقدمه وناميه،عامل الجميع بعداله بل على العكس تماماً زادها (حبتين) على الدول القويه والغنيه والمتقدمه.

عنصر المفاجأه والشراسه لهذا الضيف الثقيل واللئيم ارخى بضلاله على كل مناحي الحياة. واربك الخطط الدفاعيه والاحترازيه لكل دوله وتركهم بين خيارين لا ثالث لهما . الاول يعتمد سياسة مناعة القطيع لتبقى عجلة الاقتصاد تدور ، والثاني يعتمد حياة الفرد بغض النظر عن الاثار الاقتصاديه المترتبه على هذا الخيار ، وبالطبع الاردن كان مع الخيار الثاني . وبالتاكيد هناك عدد من الدول لا يعنيها اي من الخيارين وقد لا تعلم بوجود الفايروس اصلاً وهي الدول التي تشهد نزاعات داخليه او معزوله دولياً.

الدول التي تبنت سياسة مناعة القطيع اغلبها دول قويه اقتصادياً ، وقادره على التعويض ، اما دول الخيار الثاني فأعتقد ان اختيارها لهذا النهج جاء لسببين الاول إنساني بداعي تغليب حياة المواطن والثاني اجباري كونها اصلاً تعاني من ضائقه إقتصاديه على مبدأ الغريق لا يخشى البلل، وسياسة مناعة القطيع لا تناسبها لإرتفاع كلفها صحياً واجتماعياً وسياسياً .

تبنت الحكومه الاردنيه كما قلنا سابقاً خيار المحافظه على حياة الفرد على الطريقة الصينيه التي من خلالها يمكن ايقاف انتشار الفايروس عبر سياسة الاحتواء ولكن بتكلفه اقتصاديه كبيره مع فارق المقارنه بين قدرة الاقتصادين على الصمود والتعافي وإعادة الانطلاق والذي يميل بطبيعة الحال وبشكل هائل للجانب الصيني .

نعم الجميع ( حكومه ومواطنين وقطاعات تجاريه ) دفعوا الثمن وقد تكون القطاعات التجاريه اكبر المتضررين لأن بعضها اصابها الشلل التام والبعض الاخر تضرر بنسب متفاوته وذلك كنتيجه حتميه للاجراءات الصارمه التي فُرضت في بداية الازمه. سواء بالحضر او الاغلاقات ومشاكل التصاريح وغيرها من إجراءات احترازبه . صاحبه تغير في النمط الاستهلاكي للعائله الاردنيه وتسلسل الاولويات حسب الاهميه على إعتبار ان امد الجائحه قد يطول . كل هذه المعطيات فرضت واقع جديد على كل منشأة تجاريه وهو كيفيه مواجهة الديون المتراكمه عليها من ايجارات واجور عاملين وسداد قروض والتزامات ماليه للغير بالاضافه لحالة الركود نتيجة الاجراءات الصحيه الوقائيه .

القطاعات التجاربه المختلفه تظم في جنباتها اكثر من 460 الف عامل وتزود الخزينه باكثر من اربع مليارات دينار في العام . ويتطلب من الحكومه في هذه المرحله العمل على إزالة كل المعيقات التي تواجه عودتها للوضع الطبيعي . ولا بد لها من اخذ جمله من القرارات يستطيع دولة رئيس الوزراء بموجب الصلاحيات المعطاه له شخصياً بموجب قانون الدفاع رقم 13 لعام 1992 اصدار امر دفاع يشتمل على ما يلي : -
اولاً. وقف العمل بقوانين رخص المهن الخاصه بامانة عمان والبلديات .وإعفاء القطاعات كافه من رسوم رخص المهن لعام 2020 بشكل كامل او بنسبه لا تقل عن 50% .
ثانياً . وقف إشتراكات الضمان الاجتماعي حتى نهاية العام 2020 للمنشأه وللافراد المنتسبين .
ثالثاً . وقف إستيفاء 2% بدل ضريبة على البضائع القادمه والتي تستوفى على البيان الجمركي حتى نهاية العام 2020 .
رابعاً . وقف العمل ببدل الخدمات الجمركيه على البضائع المستورده والمعفاه بما نسبته 5% .
خامساً . مضاعفة المبالغ المرصوده من البنك المركزي لغاية إقراض القطاعات التجاريه والصناعيه بدون فائده بنكيه على المنشأه او اصحابها وتخفيف قيود الحصول على القروض ليشمل كافة غايات ديمومة العمل واستمرارية الانتاج .
سادساً . إعفاء القطاعات التجاريه من اية رسوم تراخيص مستحقه عليها عن العام 2020 لجميع الدوائر ذات الصله بعمل كل قطاع واعتبار ترخيص 2019 ساري المفعول . وكذلك الاعفاء من الغرامات السابقه في حال سداد اصل المبلغ .
سابعاً . حل مشكلة التصاريح العالقه لجميع المنشأت باعتماد السجل التجاري لإصحابها وإنشاء قسم متابعه لباقي العاملين في كل محافظه بدل المنصه .
ثامناً . الغاء اعتماد مبلغ 350 دينار كحد اعلى لدخل الاسره لغايات تعويض عمال المياومه الغير مشتركين بالضمان الاجتماعي ورفعه الى 750 دينار كحد ادنى حتى يشمل اكبر عدد ممكن من اصحاب المؤسسات الصغيره وكذالك اعتماد دخل الفرد بدلاً من الاسره كما هو معمول به في معظم دول العالم .
تاسعاً . اعفاء كافة المنشأت التجاريه المستأجرة مكاتبها ومحلاتها من الوزارات والدوائر الرسميه والبلديات والدوائر العامه والشركات الحكوميه من الاجره كامله او جزء منها من بداية التعطل ولغاية 31/12/2020 .
ان اتخاذ مثل هذه القرارات من الجانب الرسمي من شأنها مساعدة القطاعات في إعادة توازنها كما إن النظر بجديه الى اي اقتراحات ترد من الجهات الممثله لهم على قاعدة الشراكه في اتخاذ القرارات وصنعها مهم جداً في تقدم ورفعة الاقتصاد الوطني وتعافيه باذن الله .
حمى الله الوطن والمواطن والانسانية جمعا من شر هذا الوباء .