التاريخ : 2018-11-26

الراي نيوز

بقلم : م. فلاح طبيشات 

*تمبلتون وزيارة الشيخ محمد بن زايد والرئيس العراقي – دلالات هامة

*غزل بالشقيقة سوريا وتقارب اردني- قطري

*كواليس التعديل الحكومي ومنصة 'حقك تعرف' ومشروع النهضة الوطني 

*مسرحية 'بلا حدود' والخروج الآمن من أزمة اجتماعية 

*خلافات الغرف التشريعية تطفو على السطح 

*الملك بين أحضان أبناءه في الهاشمية رسالة للمسؤولين، أين انتم عن تلك الانجازات؟

القارىء للأحداث والمطلع جيدا لمتغيرات الساحة المحلية والاقليمية والدولية يدرك تماماً ضبابية مشهد الدولة الاردنية ومحيطها الذي يُلقي بظلاله على وضوح الرؤية وتجاذبات المرحلة المقبلة في ظل تحديات وظروف سياسية واقتصادية متقلبة ومحاولات بائسة من التشكيك والتكهن للنيل من ترابط المجتمع وهيبة الدولة الاردنية.

•تمبلتون وخطاب ملكي يذكر بسماحة الاسلام داخل كاتدرائية:

بداية أنهى جلالة الملك زيارة هامة لواشنطن ذات رسالة سياسية، تسلّم فيها جلالته لجائزة رفيعة من مؤسسة جون تمبلتون تعكس إضاءة مشرقة لوجه الاردن ملكاً وشعباً على المستوى الدولي، وصورة حقيقية للإسلام ومبادىء التسامح والعدالة الذي اظهرها الملك في خطاب متزن ومعتدل شهدته كاتدرائية واشنطن الوطنية ، وهنا يفُترض ان تتحمل الجهات المعنية مسؤولية الاستغلال الأمثل للحدث في وضع الاردن على خارطة السياحة الدينية كانموذج للدولة المعتدلة في التعايش والتحاب لجذب المزيد من السياح والمستثمرين.

•ولي عهد ابو ظبي وحفاوة الاستقبال:

وفي جانب لا يقل اهمية عن ما سبق، جاءت زيارة سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد ابو ظبي للأردن اول أمس في توقيت تضج فيه المنطقة بأحداث وحرب اعلامية شرسة وتصريحات حملت تكهنات وموجة من التشكيك في طبيعة العلاقات التي تربط الاردن مع جيرانه العرب، إلا ان الزيارة اكدت صلابة ومتانة العلاقة الاردنية – الاماراتية وعمق الاخوة والمحبة التي تجمع الملك بأخية الشيخ محمد بن زايد.

وجاءت الاتفاقية التي وقعتها مؤسسة ولي العهد وصندوق خليفة لتطوير المشاريع بقيمة 100 مليون دولار كدعم للمشروعات الريادية والابتكار تأكيدا لعمق العلاقات الوثيقة وللدور الاماراتي في تمكين ودعم المملكة وعلى كافة المستويات التنموية نحو تأسيس قاعدة اقتصادية تهدف الى مكافحة الفقر وتوفير فرص عمل للشباب ومزيد من الازدهار، ويأتي ذلك بالتزامن مع اعادة تشكيل لمجلس امناء صندوق الملك عبدالله للتنمية والذي بحسب مصادر سيكون له دورتنموي اكبر في المرحلة المقبلة.

•الرئيس العراقي وملفات هامة:

بالمقابل ايضا تأتي الزيارة الاولى للرئيس العراقي برهم صالح بعد توليه منصبه للمملكة لتؤكد مكانة الاردن كعمق استراتيجي للجمهورية العراقية ومنفذه الرئيسي إدراكاً منه لأهمية دور الاردن على المستويين الأمني والاقتصادي والمتمثل في التأكيد على ان امن العراق واستقراره مصلحة اردنية وان عودة تفعيل مشروع خط انبوب النفط عبر الاراضي الاردنية يشكل مشروعا استراتيجيا مشتركا يخدم مصالح كلا البلدين. 

ولا يمكن اغفال موقف المملكة من ادانة العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة ومطالبة الحكومة عبر ناطقها الرسمي لوقف الهجوم وحماية الأبرياء وضرورة العودة الى المفاوضات مؤكدة على ان الاردن يقف دائما بجانب اشقاءه الفلسطينيين والقوافل الطبية والمستشفيات الميدانية لدليل على ذلك.

•الملك بين احضان أبناءه :

استمرارا لنهج ملكي في التواصل مع أبناءه وسماع وجهات نظرهم وخصوصا الشباب منهم فقد كانت زيارة جلالته للجامعة الهاشمية محط اهتمام الاوساط الاكاديمية والريادية وايضا الاقتصادية لما ابدى جلالته من اعجاب واعتزاز بانجازات الجامعة ومبادرات طلابها التي كانت مصدر فخر وتقدير جلالته الذي اعرب عن دعمه لأفكار طلبتها ومتابعته لمشاريعهم واصطحاب مجموعة منهم لمرافقته في زيارة الى اليابان الاسبوع الجاري تقديرا لمنجزاتهم، في رسالة صريحة يريد جلالته ان يوصلها لأصحاب القرار بأن الشباب الاردني المتميز والطموح هو المشروع الحقيقي لنهضة الاردن.

•تعديل حكومي مرتقب :

في جانب اخر من المشهد تترقب الاوساط السياسية تعديلا وزاريا موسعا تتعداه حقيبتي التعليم والسياحة عقب استقالة وزيرهما بعد فاجعة البحر الميت سيجريه الرئيس عمر الرزاز وان كان يعدّ مغامرة سياسية في فترة تشكيل حكومي لم تتعدى الخمسة اشهر إلا أن اشكالية الأداء الحكومي وآلية التعامل مع ازمات البحر الميت وسيول مأدبا ومعان وسقوط المزيد من الضحايا كان اخرها سقوط طفلة ومُنقذها في حفرة امتصاصية ساهمت في تعقيد المشهد الحكومي، في حين يبقى اصدار قانون للعفو العام ورقة الرزاز لإعادة التوازن لحكومته.

•مسرحية ' بلا حدود'

مشهد اخر كذلك لم يخلو من السخرية والدهشة في نفس الوقت كاد ان يتسبب بأزمة اجتماعية حقيقية لولا دهاء وحنكة الاجهزة الامنية في كشف لغز شخصية تترأس احدى المؤسسات الغامضة اختلقت قصة لاختطافه وتعذيبه وأرادت ان تثير مشاعر الاردنيين وأن تُحدث جدلا واسعا بين اوساط المجتع الاردني بضرب نسيجه وإثارة للضغينة داخله، إلا انها تكاد ان تكون الضربة القاضية التي هزّت مضاجع التنويريين ومدّعو الحداثة والاصلاح وأضرت بمصالحهم.

•اخفاق في تنسيق المواقف التشريعية :

وفي الجانب الآخر فإن خلافات في الخفاء بدت تطفو على السطح بين غرفتي التشريع (الأعيان - النواب) فيما يتعلق بتعديلات على قانون الضريبة المرسل من النواب، في وقت بدأت فعاليات صناعية وتجارية بتوجيه سهام الاتهام لمجلس الأعيان الذي اظهر انحيازا واضحا مع الحكومة وفي صورة اظهرت عدم التنسيق في المواقف التشريعية تحت مسمى من سيتصدر المشهد ؟

•'حقك تعرف' مسؤولية من ؟

قد تبدو الحكومة تنبهت مؤخرا لضرورة انشاء منصة اعلامية حكومية بعنوان ' حقك تعرف' لدحض الاشاعات والأكاذيب والأخبار الملفقة لما واجهته الحكومة من ازمات وطريقة لم ترق للمستوى المأمول في التعامل مع الكوارث والحوادث الاخيرة،وفي خطوة تصحيحية لمسار العمل الحكومي واستباقية تمهيدية لإقرار مشروع منتظر للجرائم الالكترونية المثير للجدل ! ويبقى السؤال هل تملك الحكومة الفريق الكبير والمتخصص للمتابعة والاشراف على هذه المنصة ؟ وعلى من تقع المسؤولية ؟

•مشروع النهضة الوطني وتساؤلات مشككة ؟

خطاب حكومي بعنوان مشروع النهضة الوطني الممتد لعامين كما اعلن عنه الرئيس لتلبية طموحات الاردنيين بمستقبل افضل، ما يوقع المواطن في حيرة من التساؤل عن كيفية التطبيق ولديه كمّا هائلا من مخزون عدم الثقة بالحكومات ! 

الخطاب يعيد نفسه في ظل تشابك الاولويات وفشل المبادرات السابقة، وهنا الحديث عن خطة التحفيز الاقتصادي 2018 -2020 واين وصلت ؟ وكذلك رؤية ' أردن 2025' ؟ وغيرها من اطروحات وبرامج لم تر طريقها في التنفيذ والتطبيق الحقيقيين!

تكمن تلك التشابكات والتناقضات في ظل نهج بيروقراطي طارد للإستثمار وادوات رقابية ضعيفة وقانون ضريبة منتظر سيلحق الضرر بالاستثمار والقطاعات الصناعية والمالية بحسب خبراء! اضافة لحزمة قوانين يتصدرها قانون الجرائم الالكترونية والذي اعتبره نشطاء وقانونيون غير مصان لحرية الرأي والتعبير على حد تعبيرهم، عدا عن إلحاح وطني بضرورة مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين وتحصيل جميع الأموال 

المنهوبة والتي تقدر بمئات الملايين !

جهد حكومي مطلوب اليوم لإستعادة الثقة اولا ومن ثم رسم ملامح المشروع الوطني النهضوي كما اعلنته الحكومة.

•غزل اردني للشقيقة سوريا ،، الى أين ؟

زيارات للشقيقة سوريا قد يبدو ظاهرها انها غير رسمية وإنما جاءت برغبة شخصيات نيابية قدمت التهاني للرئاسة السورية في إطار حلقات المجسّات لإعادة العلاقات ومحاولة فهم إتجاهات البوصلة الاردنية – السورية، إلا أنها أثمرت عن صفقات اخراج مواطنين اردنيين معتقلين لدى السجون السورية واعلان عن آليات مستقبلية لأوجه التعاون بين البلدين على كافة المستويات في صورة غزلية تكاد لا تخلو عن رغبة حقيقة للإنفتاح على المستوى الرسمي بين البلدين الشقيقين. 

•قطر ،، واستحقاقات المرحلة المقبلة !

مذكرة نيابية تطالب بإعادة السفير الاردني الى العاصمة القطرية وإعادة السفير القطري الى عمان لا يمكن ان تمر دون ان يكون لها أبعاد من داخل المطبخ السياسي الاردني واستشعاره بمرحلة جديدة قادمة تؤشر الى عودة العلاقات الخليجية وانتهاء الازمة الخليجية وحالة المقاطعة الخليجية لدولة قطر في أعقاب تصريحات سابقة لسمو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قمة دافوس الصحراء تشيد بإقتصاد قطر علاوة على المشاركة المقررة لقطر في القمة الخليجية المقرر انعقادها ديسمبر القادم في الرياض بعد إقالة المبعوث الشخصي لجلالة الملك للسعودية ، مما يقود صانع القرار الاردني الى رسم علاقة متجددة تخدم مصالحه الوطنية في اطار التوازنات الاستراتيجية .

#الأردن